فصل: الفصل الثاني عشر في أن من طبيعة الملك الدعة والسكون

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» **


  الفصل السادس في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم

وهذا لما قدمناه من أن كل أمر تحمل عليه الكافة فلا بد له من العصبية‏.‏ وفي الحديث الصحيح كما مر ‏"‏ ما بعث الله نبياً إلا في منعة من قومه ‏"‏ وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق وقد وقع هذا لابن قسي شيخ الصوفية وصاحب كتاب خلع النعلين في التصوف ثار بالأندلس داعياً إلى الحق وسمي أصحابه بالمرابطين قبيل دعوة المهدي فاستتب له الأمر قليلاً لشغل لمتونة بما دهمهم من أمر الموحدين ولم تكن هناك عصائب ولا قبائل يدعونه عن شأنه فلم يلبث حين استولى الموحدون على المغرب أن أذعن لهم ودخل في دعوتهم وتابعهم من معقله بحصن أركش وأمكنهم من ثغره وكان أول داعية لهم بالأندلس وكانت ثورتة تسمى ثورة المرابطين‏.‏ ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء‏.‏ فإن كثيراً من المنتحلين للعبادة وسلوك طرق الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجورمن الأمراء داعين إلى تغيير المنكر والنهي عنه والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله فيكثر أتباعهم والمتشبثون بهم من الغوغاء والدهماء ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في تلك السبيل مأزورين غير مأجورين لأن الله سبحانه لم يكتب ذلك عليهم وإنما أمر به حيث تكون القدرة عليه قال‏:‏ ‏"‏ من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه ‏"‏ وأحوال الملوك والدول راسخة قوية لا يزحزحها ويهم بناءها إلا المطالبة القوية التي من ورائها عصبية القبائل والعشائر كما قدمناه‏.‏ وهكذا كان حال الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في دعوتهم إلى الله بالعشائر والعصائب وهم المؤيدون من الله بالكون كله لو شاء لكنه إنما أجرى الأمور على مستقر العادة‏.‏ والله حكيم عليم‏.‏ فإذا ذهب أحد من الناس هذا المذهب وكان فيه محقاً قصر به الانفراد عن العصبية فطاح في هوة الهلاك‏.‏ وأما إن كان من الملبسين بذلك في طلب الرئاسة فأجدر أن تعوقه العوائق وتنقطع به المهالك لأنه أمر الله لا يتم إلا برضاه وإعانته والإخلاص له والنصيحة للمسلمين ولا يشك في ذلك مسلم ولا يرتاب فيه ذو بصيرة‏.‏ وأول ابتداء هذه النزعة في الملة ببغداد حين وقعت فتنة طاهر وقتل الأمين وأبطأ المأمون بخراسان عن مقدم العراق ثم عهد لعلي بن موسى الرضا من آل الحسين فكشف بنو العباس عن وجه النكير عليه وتداعوا للقيام وخلع طاعة المأمون والاستبدال منه وبويع إبراهيم بن المهدي فوقع الهرج ببغذاد وانطلقت أيدي الزعرة بها من الشطار والحربية على أهل العافية والصلاح وقطعوا السبيل وامتلأت أيديهم من نهاب الناس وباعوها علانية في الأسواق واستعدى أهلها الحكام فلم يعدوهم‏.‏ فتوافر أهل الدين والصلاح على منع الفساق وكف عاديتهم‏.‏ وقام ببغداد رجل يعرف بخالد الدريوس ودعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأجابه خلق وقاتل أهل الزعارة فغلبهم وأطلق يده فيهم بالضرب والتنكيل‏.‏ ثم قام من بعده رجل آخر من سواد أهل بغداد يعرف بسهل بن سلامة الأنصاري ويكنى أبا حاتم وعلق مصحفاً في عنقه ودعا الناس إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فاتبعه الناس كافة من بين شريف ووضيع من بني هاشم فمن دونهم ونزل قصر طاهر واتخذ الديوان وطاف ببغداد ومنع كل من أخاف المارة ومنع الخفارة لأولئك الشطار‏.‏ وقال له خالد الدريوس‏:‏ أنا لا اعيب على السلطان فقال له سهل‏:‏ لكني أقاتل كل من خالف الكتاب والسنة كائناً من كان‏.‏ وذلك سنة إحدى ومائتين‏.‏ وجهز له إبراهيم بن المهدي العساكر فغلبه وأسره وانحل أمره سريعاً وذهب ونجا بنفسه‏.‏ ثم اقتدى بهذا العمل بعد كثير من الموسوسين يأخذون أنفسهم بإقامة الحق ولا يعرفون ما يحتاجون إليه في إقامته من العصبية ولا يشعرون بمغبة أمرهم ومآل أحوالهم‏.‏ والذي يحتاج إليه في أمر هؤلاء إما المداواة إن كانوا من أهل الجنون وإما التنكيل بالقتل أو الضرب إن أحدثوا هرجاً وإما إذاعة السخرية منهم وعدهم من جملة الصقاعين‏.‏ وقد ينتسب بعضهم إلى الفاطمي المنتظر إما بأنه هو أو بأنه داع له وليس مع ذلك على علم من أمر الفاطمي ولا ما هو‏.‏ وأكثر المنتحلين لمثل هذا تجدهم موسوسين أو مجانين أو ملبسين يطلبون بمثل هذه الدعوة رئاسة امتلأت بها جوانحهم وعجزوا عن التوصل إليها بشيء من أسبابها العادية فيحسبون أن هذا من الأسباب البالغة بهم إلى ما يؤملونه من ذلك ولا يحسبون ما ينالهم فيه من الهلكة فيسرع إليهم القتل بما يحدثونه من الفتنة وتسوء عاقبة مكرهم‏.‏ وقد كان لأول هذه المائة خرج بالسوس رجل من المتصوفة يدعى التوبذري عمد إلى مسجد ماسة بساحل البحر هنالك وزعم أنه الفاطمي المنتظر تلبيساً على العامة هنالك بما ملأ قلوبهم من الحدثان بانتظاره هنالك وأن من ذلك المسجد يكون أصل دعوته‏.‏ فتهافتت عليه طوائف من عامة البربر تهافت الفراش‏.‏ ثم خشي رؤساؤهم اتساع نطاق الفتنة فدس إليه كبير المصامدة يومئذ عمر السكسيوي من قتله في فراشه‏.‏ وكذلك خرج في غمارة أيضاً لأول هذه المائة رجل يعرف بالعباس وادعى مثل هذه الدعوة واتبع نعيقه الأرذلون من سفهاء تلك القبائل وأغمارهم وزحف إلى بادس من أمصارهم ودخلها عنوة ثم قتل لأربعين يوماً من ظهور دعوته ومضى في الهالكين الأولين‏.‏ وأمثال ذلك كثير والغلط فيه من الغفلة عن اعتبار العصبية في مثلها‏.‏ وأما إن كان التلبيس فأحرى ألا يتم له أمر وأن يبوء بإثمه وذلك جزاء الظالمين‏.‏ والله سبحانه وتعالى أعلم وبه التوفيق لارب غيره ولا معبود سواه‏.‏ في أن كل دولة لها حصة من الممالك والأوطان لا تزيد عليها والسبب في ذلك أن عصابة الدولة وقومها القائمين بها الممهدين لها لا بد من توزيعهم حصصاً على الممالك والثغور التي تصير إليهم ويستولون عليها لحمايتها من العدو وإمضاء أحكام الدولة فيها من جباية وردع وغير ذلك‏.‏ فإذا توزعت العصائب كلها على الثغور والممالك فلا بد من نفاد عددها وقد بلغت الممالك حينئذ إلى حد يكون ثغراً للدولة وتخماً لوطنها ونطاقاً لمركز ملكها‏.‏ فإن تكلفت الدولة بعد ذلك زيادة على ما بيدها بقي دون حامية وكان موضعاً لانتهاز الفرصة من العدو والمجاور ويعود وبال ذلك على الدولة بما يكون فيه من التجاسر وخرق سياج الهيبة‏.‏ وما كانت العصابة موفورة ولم ينفذ عددها في توزيع الحصص على الثغور والنواحي بقي في الدولة قوة على تناول ما وراء الغاية حتى ينفسح نطاقها إلى غايته‏.‏ والعلة الطبيعية في ذلك هي قوة العصبية من سائر القوى الطبيعية وكل قوة يصدر عنها فعل من الأفعال فشأنها ذلك في فعلها‏.‏ والدولة في مركزها أشد مما يكون في الطرف والنطاق‏.‏ وإذا انتهت إلى النطاق الذي هو الغاية عجزت وأقصرت عما وراءه شأن الأشعة والأنوار إذا انبعثت من المراكز والدوائر المنفسحة على سطح الماء من النقر عليه‏.‏ ثم إذا أدركها الهرم والضعف فإنما‏:‏ تأخذ في التناقص من جهة الأطراف ولا يزال المركز محفوظاً إلى أن يتأذن الله بانقراض الأمر جملة فحينئذ يكون انقراض المركز‏.‏ وإذا غلب على الدولة من مركزها فلا ينفعها بقاء الأطراف والنطاق بل تضمحل لوقتها فإن المركز كالقلب الذي تنبعث منه الروح فإذا غلب القلب وملك انهزم جميع الأطراف‏.‏ وانظر هذا في الدولة الفارسية‏.‏ كان مركزها المدائن فلما غلب المسلمون على المدائن انقرض أمر فارس أجمع ولم ينفع يزدجرد ما بقي بيده من أطراف ممالكه‏.‏ وبالعكس من ذلك الدولة الرومية بالشام لما كان مركزها القسطنطينية وغلبهم المسلمون بالشام تحيزوا إلى مركزهم بالقسطنطينية ولم يضرهم انتزاع الشام من أيديهم فلم يزل ملكهم متصلاً بها إلى أن تأدن الله بانقراضه‏.‏ وانظر أيضاً شأن العرب أول الإسلام لما كانت عصائبهم موفورة كيف غلبوا على ما جاورهم من الشام والعراق ومصر لأسرع وقت ثم تجاوزوا ذلك إلى ما وراءه من السند والحبشة وإفريقية والمغرب ثم إلى الأندلس‏.‏ فلما تفرقوا حصصاً على الممالك والثغور ونزلوها حامية ونفد عددهم في تلك التوزيعات أقصروا عن الفتوحات بعد وانتهى أمر الإسلام ولم يتجاوز تلك الحدود ومنها تراجعت الدولة حتى تأذن الله با نقراضها‏.‏ وكذا كان حال الدول من بعد ذلك كل دولة على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة وعند نفاد عددهم بالتوزيع ينقطع لهم الفتح والاستيلاء‏.‏ سنة الله في خلقه‏.‏

  الفصل الثامن في أن عظم الدولة واتساع نطاقها

وطول أمدها على نسبة القائمين بها في القلة والكثرة والسبب في ذلك أن الملك إنما يكون بالعصبية‏.‏ وأهل العصبية هم الحامية الذين ينزلون بممالك الدولة وأقطارها وينقسمون عليها فما كان من الدولة العامة قبيلها وأهل عصابتها أكثر كانت أقوى وأكثر ممالك وأوطاناً وكان ملكها أوسع لذلك‏.‏ واعتبر ذلك بالدولة الإسلامية لما ألف الله كلمة العرب على الإسلام وكان عدد المسلمين في غزوة تبوك آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم مائة ألف وعشرة آلاف من مضر وقحطان ما بين فارس وراجل إلى من أسلم منهم بعد ذلك إلى الوفاة‏.‏ فلما توجهو لطلب ما في أيدي الأمم من الملك لم يكن دونه حمى ولا وزر فاستبيح حمى فارس والروم أهل الدولتين العظيمتين في العالم لعهدهم والترك بالمشرق والإفرنجة والبربر بالمغرب والقوط بالأندلس وخطوا من الحجاز إلى السوس الأقصى ومن اليمن إلى الترك بأقصى الشمال واستولوا على الأقاليم السبعة‏.‏ ثم انظر بعد ذلك دولة صنهاجة والموحدين مع العبيديين قبلهم لما كان قبيل كتامة القائمون بدولة العبيديين أكثر من صنهاجة ومن المصامدة كانت دولتهم أعظم فملكوا إفريقية والمغرب والشام ومصر والحجاز‏.‏ ثم انظر بعد ذلك دولة زناتة لما كان عددهم أقل من المصامدة قصر ملكهم عن ملك الموحدين لقصور عددهم عن عدد المصامدة منذ أول أمرهم ثم اعتبر بعد ذلك حال الدولتين لهذا العهد لزناتة بني مرين وبني عبد الواد لما كان عدد بني مرين لأول ملكهم أكثر من بني عبد الواد كانت دولتهم أقوى منها وأوسع نطاقاً وكان لهم عليهم الغلب مرة بعد أخرى‏.‏ يقال إن عدد بني مرين لأول ملكهم كان ثلاثة آلاف وأن بني عبد الواد كانوا ألفاً إلا أن الدولة بالرفه وكثرة التابع كثرت من أعدادهم‏.‏ وعلى هذه النسبة في أعداد المتغلبين لأول الملك يكون اتساع الدولة وقوتها‏.‏ وأما طول أمدها أيضاً فعلى تلك النسبة لأن عمر الحادث من قوة مزاجه ومزاج الدول إنما هو بالعصبية فإذا كانت العصبية قوية كان المزاج تابعاً لها وكان أمد العمر طويلاً والعصبية إنما هي بكثرة العدد ووفوره كما قلناه‏.‏ والسبب الصحيح في ذلك أن النقص إنما يبدو في الدولة من الأطراف فإذا كانت ممالكها كثيرة كانت أطرافها بعيدة عن مركزها وكثيرة وكل نقص يقع فلا بد له من زمن فتكثر أزمان النقص لكثرة الممالك واختصاص كل واحد منها بنقص وزمان فيكون أمدها طويلاً‏.‏ وانظر ذلك في دولة العرب الإسلامية كيف كان أمدها أطول الدول لا بنو العباس أهل المركز ولا بنو أمية المستبدون بالأندلس‏.‏ ولم ينقض أمر جميعهم إلا بعد الأربعمائة من الهجرة‏.‏ ودولة العبيديين كان أمدها قريباً في مائتين وثمانين سنة‏.‏ ودولة صنهاجة دونهم من لدن تقليد معز الدولة أمر إفريقية لبلكين بن زيري في سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة إلى حين استيلاء الموحدين على القلعة وبجاية سنة سبع وخمسين وخمسمائة

  الفصل التاسع في أن الأوطان الكثيرة القبائل

والسبب في ذلك اختلاف الأراء والأهواء وأن وراء كل رأي منها وهوى عصبية تمانع دونها فيكثر الانتقاض على الدولة والخروج عليها في كل وقت وإن كانت ذات عصبية لأن كل عصبية ممن تحت يدها تظن في نفسها منعة وقوة‏.‏ وانظر ما وقع من ذلك بإفريقية والمغرب منذ أول الإسلام ولهذا العهد‏.‏ فإن ساكن هذه الأوطان من البربر أهل قبائل وعصبيات فلم يغن فيهم الغلب الأول الذي كان لابن أبي سرح عليهم وعلى الإفرنجة شيئاً‏.‏ وعاودوا بعد ذلك الثورة والردة مرة بعد أخرى وعظم الإثخان من المسلمين فيهم‏.‏ ولما استقر الدين عندهم عادوا إلى الثورة والخروج والأخذ بدين الخوارج مرات عديدة‏.‏ قال ابن أبي زيد‏:‏ ارتدت البرابرة بالمغرب اثنتي عشرة مرة‏.‏ ولم تستقر كلمة الإسلام فيهم إلا لعهد ولاية موسى بن نصير فما بعده‏.‏ وهذا معنى ماينقل عن عمران إفريقية مفرقة لقلوب أهلها إشارة إلى ما فيها كثرة العصائب والقبائل الحاملة لهم على عدم الإذعان والانقياد‏.‏ ولم يكن العراق لذلك العهد بتلك الصفة ولا الشام إنما كانت حاميتها من فارس والروم والكافة دهماء أهل مدن وأمصار‏.‏ فلما غلبهم المسلمون على الأمر وانتزعوه من أيديهم لم يبق فيها ممانع ولا مشاق‏.‏ والبربر قبائلهم بالمغرب أكثر من أن تحصى وكلهم بادية وأهل عصائب وعشائر‏.‏ وكلما هلكت قبيلة عادت الأخرى مكانها وإلى دينها من الخلاف والردة فطال أمر العرب في تمهيد الدولة بوطن إفريقية والمغرب‏.‏ وكذلك كان الأمر بالشام لعهد بني إسرائيل‏:‏ كان فيه من قبائل فلسطين وكنعان وبني عيصو وبني مدين وبني لوط والروم واليونان والعمالقة وأكريكش والنبط من جانب الجزيرة والموصل ما لا يحصى كثرة وتنوعاً في العصبية‏.‏ فصعب على بني إسرائيل تمهيد دولتهم ورسوخ أمرهم واضطرب عليهم الملك مرة بعد أخرى‏.‏ وسرى ذلك الخلاف إليهم فاختلفوا على سلطانهم وخرجوا عليه ولم يكن لهم ملك موطد سائر أيامهم إلى أن غلبهم الفرس ثم يونان ثم الروم آخر أمرهم عند الجلاء‏.‏ والله غالب على أمره‏.‏ وبعكس هذا أيضاً الأوطان الخالية من العصبيات يسهل تمهيد الدولة فيها ويكون سلطانها وازعاً لقلة الهرج والانتقاض ولا تحتاج فيها إلى كثير من العصبية كما هو الشأن في مصر والشام لهذا العهد إذ هي خلو من القبائل والعصبيات كأن لم يكن الشام معدناً لهم كما قلناه‏.‏ فملك مصر في غاية الدعة والرسوخ لقلة الخوارج وأهل العصائب إنما هو سلطان ورعية ودولتها قائمة بملوك الترك وعصائبهم يغلبون على الأمر واحداً بعد واحد وينتقل الأمر فيهم من منبت إلى منبت والخلافة مسماة للعباسي من أعقاب الخلفاء ببغداد‏.‏ وكذا شأن الأندلس لهذا العهد‏.‏ فإن عصبية ابن الأحمر سلطانها لم تكن لأول دولتهم بقوية ولا كانت كرات إنما يكون أهل بيت من بيوت العرب أهل الدولة الأموية بقوا من ذلك القلة وذلك أن أهل الأندلس لما انقرضت الدولة العربية منه وملكهم البربر من لمتونة والموحدين سئموا ملكتهم وثقلت وطأتهم عليهم فأشربت القلوب بغضاءهم وأمكن الموحدون والسادة في آخر الدولة كثيراً من الحصون للطاغية في سبيل الاستظهار به على شأنهم من تملك الحضرة مراكش‏.‏ فاجتمع من كان بقي بها من أهل العصبية القديمة معادن من بيوت العرب تجافى بهم المنبت عن الحاضرة والأمصار بعض الشيء ورسخوا في العصبية مثل ابن هود وابن الأحمر وابن مردنيش وأمثالهم‏.‏ فقام ابن هود بالأمر ودعا بدعوة الخلافة العباسية بالمشرق وحمل الناس على الخروج على الموحدين فنبذوا إليهم العهد وأخرجوهم واستقل ابن هود بالأمر بالأندلس‏.‏ ثم سما ابن الأحمر للأمر وخالف ابن هود في دعوته فدعا هؤلاء لابن أبي حفص صاحب إفريقية من الموحدين وقام بالأمر وتناوله بعصابة قليلة من قرابته كانوا يسمون الرؤساء ولم يحتج لأكثر منهم لقلة العصائب بالأندلس وأنها سلطان ورعية‏.‏ ثم استظهر بعد ذلك على الطاغية بمن يجيز إليه البحر من أعياص زناتة فصاروا معه عصبة على المثاغرة والرباط‏.‏ ثم سما لصاحب المغرب من ملوك زنانة أمل في الاستيلاء على الأندلس فصار أولئك الأعياص عصابة ابن الأحمر على الامتناع منه إلى أن تأثل أمره ورسخ وألفته النفوس وعجز الناس عن مطالبته وورثه أعقابه لهذا العهد‏.‏ فلا تظن أنه بغير عصابة فليس كذلك وقد كان مبدؤه بعصابة إلا أنها قليلة وعلى قدر الحاجة فإن قطر الأندلس لقلة العصائب والقبائل فيه يغني عن كثرة العصبية فى التغلب عليهم‏.‏ والله غني عن العالمين‏.‏

  الفصل العاشر في أن من طبيعة الملك الانفراد بالمجد

وذلك أن الملك كما قدمناه إنما هو بالعصبية والعصبية متألفة من عصبات كثيرة تكون واحدة منها أقوى من الأخرى كلها فتغلبها وتستولي عليها حتى تصيرها جميعاً في ضمنها وبذلك يكون الاجتماع والغلب على الناس والدول‏.‏ وسره أن العصبية العامة للقبيل هي مثل المزاج للمتكون والمزاج إنما يكون عن العناصر وقد تبين في موضعه أن العناصر إذا اجتمعت متكافئة فلا يقع منها مزاج أصلاً بل لا بد أن تكون واحدة منها هي الغالبة على الكل حتى تجمعها وتؤلفها وتصيرها عصبية واحدة شاملة لجميع العصائب وهي موجودة في ضمنها‏.‏ وتلك العصبية الكبرى إنما تكون لقوم أهل بيت ورياسة فيهم ولا بد أن يكون واحد منهم رئيساً لهم غالباً عليهم فيتعين رئيساً للعصبيات كلها لغلب منبته لجميعها‏.‏ وإذا تعين له ذلك فمن الطبيعة الحيوانية خلق الكبر والأنفة ة فيأخذ حينئذ من المساهمة والمشاركة في استتباعهم والتحكم فيهم ويجيء خلق التأله الذي في طباع البشر مع ما تقتضيه السياسة من انفراد الحاكم لفساد الكل باختلاف الحكام‏:‏ ‏"‏ لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ‏"‏‏.‏ فتجدع حينئذ أنوف العصبيات وتفلج شكائمهم عن أن يسموا إلى مشاركته في التحكم وتقرع عصبيتهم عن ذلك وينفرد به ما استطاع حتى لا يترك لأحد منهم في الأمر لا ناقة ولا جملاً‏.‏ فينفرد بذلك المجد بكليته ويدفعهم عن مساهمته‏.‏ وقد يتم ذلك للأول من ملوك الدولة وقد لا يتم إلا للثاني والثالث على قدر ممانعة العصبيات وقوتها‏.‏ إلا أنه أمر لا بد منه في الدول‏.‏ ‏"‏ سنة الله التي قد خلت في عباده ‏"‏ والله تعالى أعلم‏.‏

  الفصل الحادي عشر في أن من طبيعة الملك الترف

وذلك أن الأمة إذا تغلبت وملكت ما بأيدي أهل الملك قبلها كثر رياشها ونعمتها فتكثر عوائدهم ويتجاوزون ضرورات العيش وخشونته إلى نوافله ورقته وزينته‏.‏ ويذهبون إلى اتباع من قبلهم في عوائدهم وأحوالهم وتصير لتلك النوافل عوائد ضرورية في تحصيلها وينزعون مع ذلك إلى رقة الأحوال في المطاعم والملابس والفرش والأنية ويتفاخرون في ذلك ويفاخرون فيه غيرهم من الأمم في أكل الطيب ولبس الأنيق وركوب الفاره ويناغي خلفهم في ذلك سلفهم إلى آخر الدولة‏.‏ وعلى قدر ملكهم يكون حظهم من ذلك وترفهم فيه إلى أن يبلغوا من ذلك الغاية التي للدولة أن تبلغها بحسب قوتها وعوائد من قبلها‏.‏ سنة الله في خلقه والله تعالى أعلم‏.‏

  الفصل الثاني عشر في أن من طبيعة الملك الدعة والسكون

وذلك أن الأمة لا يحصل لها الملك إلا بالمطالبة والمطالبة غايتها الغلب والملك وإذا حصلت الغاية انقضى السعي إليها‏.‏ قال الشاعر‏:‏ عجبت لسعي الدهر بيني وبينها فلما انقضى ما بيننا سكن الدهر فإذا حصل الملك أقصروا عن المتاعب التي كانوا يتكلفونها في طلبه وآثروا الراحة والسكون والدعة ورجعوا إلى تحصيل ثمرات الملك من المباني والمساكن والملابس فيبنون القصور ويجرون المياه ويغرسون الرياض ويستمتعون بأحوال الدنيا ويؤثرون الراحة على المتاعب ويتأنقون في أحوال الملابس والمطاعم والأنية والفرش ما استطاعوا ويألفون ذلك ويورثونه من بعدهم من أجيالهم‏.‏ ولا يزال ذلك يتزايد فيهم إلى أن يتأذن الله بأمره وهو خير الحاكمين والله تعالى أعلم‏.‏

  الفصل الثالث عشر في أنه إذا استحكمت طبيعة الملك

من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم وبيانه من وجوه‏:‏ الأول أنها تقتضي الانفراد بالمجد كما قلناه‏.‏ وما كان المجد مشتركاً بين العصابة وكان سعيهم له واحداً كانت هممهم في التغلب على الغير والذب عن الحوزة أسوة في طموحها وقوة شكائمها ومرماهم إلى العز جميعاً وهم يستطيبون الموت في بناء مجدهم ويؤثرون الهلكة على فساده‏.‏ وإذا انفرد الواحد منهم بالمجد قرع عصبيتهم وكبح من أعنتهم واستأثر بالأموال دونهم فتكاسلوا عن الغزو وفشل ريحهم ورئموا المذلة والاستعباد‏.‏ ثم ربي الجيل الثاني منهم على ذلك يحسبون ما ينالهم من العطاء أجراً من السلطان لهم على الحماية والمعونة لا يجري في عقولهم سواه وقل أن يستأجر أحد نفسه على الموت فيصير ذلك وهناً في الدولة وخضداً من الشوكة وتقبل به على والوجه الثاني أن طبيعة الملك تقتضي الترف كما قدمناه فتكثر عوائدهم وتزيد نفقاتهم على أعطياتهم ولا يفي دخلهم بخرجهم فالفقير منهم يهلك والمترف يستغرق عطاءه بترفه ثم يزداد ذلك في أجيالهم المتأخرة إلى أن يقصر العطاء كله عن الترف وعوائده وتمسهم الحاجة وتطالبهم ملوكهم بحصر نفقاتهم في الغزو والحروب فلا يجدون وليجة عنها فيوقعون بهم العقوبات وينتزعون ما في أيدي الكثير منهم يستأثرون به عليهم أو يؤثرون به أبناءهم وصنائع دولتهم فيضعفونهم لذلك عن إقامة أحوالهم ويضعف صاحب الدولة بضعفهم‏.‏ وأيضاً إذا كثر الترف في الدولة وصار عطاؤهم مقصراً عن حاجاتهم ونفقاتهم احتاج صاحب الدولة الذي هو السلطان إلى الزيادة في أعطياتهم حتى يسد خللهم ويزيح عللهم‏.‏ والجباية مقدارها معلوم ولا تزيد ولا تنقص وإن زادت بما يستحدث من المكوس فيصير مقدارها بعد الزيادة محدوداً‏.‏ فإذا وزعت الجباية على الأعطيات وقد حدثت فيها الزيادة لكل واحد بما حدث من ترفهم وكثرة نفقاتهم نقص عدد الحامية حينئذ عما كان قبل زيادة الأعطيات‏.‏ ثم يعظم الترف وتكثر مقادير الأعطيات لذلك فينقص عدد الحامية وثالثاً ورابعاً إلى أن يعود العسكر إلى أقل الأعداد فتضعف الحماية لذلك وتسقط قوة الدولة ويتجاسر عليها من يجاورها من الدول أو من هو تحت يديها من القبائل والعصائب ويأذن الله فيها بالفناء الذي كتبه على خليقته‏.‏ وأيضاً فالترف مفسد للخلق بما يحصل في النفس من ألوان الشر والسفسفة وعوائدها كما يأتي في فصل الحضارة فتذهب منهم خلال الخير التي كانت علامة على الملك ودليلاً عليه ويتصفون بما يناقضها من خلال الشر فتكون علامة على الأدبار والانقراض بما جعل الله من ذلك في خليقته وتأخذ الدولة مبادىء العطب وتتضعضع أحوالها وتنزل بها أمراض مزمنة من الهرم إلى أن يقضى عليها‏.‏ الوجه الثالث‏:‏ أن طبيعة الملك تقتضي الدعة كما ذكرناه وإذا اتخذوا الدعة والراحة مألفاً وخلقاً صار لهم ذلك طبيعة وجبلة شأن العوائد كلها وإيلافها فتربى أجيالهم الحادثة في غضارة العيش ومهاد الترف والدعة وينقلب خلق التوحش وينسون عوائد البداوة التي كان بها الملك من شدة البأس وتعود الافتراس وركوب البيداء وهداية القفر‏.‏ فلا يفرق بينهم وبين السوقة من الحضر إلا في الثقافة والشارة فتضعف حمايتهم ويذهب بأسهم وتنخضد شوكتهم ويعود وبال ذلك على الدولة بما تلبس به من ثياب الهرم‏.‏ ثم لا يزالون يتلونون بعوائد الترف والحضارة والسكون والدعة ورقة الحاشية في جميع أحوالهم وينغمسون فيها وهم في ذلك يبعدون عن البداوة والخشونة وينسلخون عنها شيئاً فشيئاً وينسون خلق البسالة التي كانت بها الحماية والمدافعة حتى يعودوا عيالاً على حامية اخرى إن كانت لهم‏.‏ واعتبر ذلك في الدول التي وربما يحدث في الدولة إذا طرقها هذا الهرم بالترف والراحة أن يتخير صاحب الدولة أنصاراً وشيعة من غير جلدتهم ممن تعود الخشونة فيتخذهم جنداً يكون أصبر على الحرب وأقدر على معاناة الشدائد من الجوع والشظف ويكون ذلك دواء للدولة من الهرم الذي عساه أن يطرقها حتى يأذن الله فيها بأمره‏.‏ وهذا كما وقع في دولة الترك بالمشرق فأبى غالب جندها الموالي من الترك‏.‏ فتتخير ملوكهم من أولئك المماليك المجلوبين إليهم فرساناً وجنداً فيكونون أجراً على الحرب وأصبر على الشظف من أبناء الملوك الذين كانوا قبلهم وربوا في ماء النعيم والسلطان وظله وكذلك في دولة الموحدين بإفريقية فإن صاحبها كثيراً ما يتخذ أجناده من زناتة والعرب ويستكثر منهم ويترك أهل الدولة المتعودين للترف فتستجد الدولة بذلك عمراً آخر سالماً من الهرم‏.‏ والله وارث الأرض ومن عليها‏.‏

  الفصل الرابع عشر في أن الدولة لها أعمار طبيعية كما للأشخاص

اعلم أن العمر الطبيعي للأشخاص على ما زعم الأطباء والمنجمون مائة وعشرون سنة وهي سنة القمر الكبرى عند المنجمين‏.‏ ويختلف العمر في كل جيل بحسب القرانات فيزيد عن هذا وينقص منه فتكون أعمار بعض أهل القرانات مائة تامة وبعضهم خمسين أو ثمانين أو سبعين على ما تقتضيه أدلة القرانات عند الناظرين فيها‏.‏ وأعمار هذه الملة ما بين الستين إلى السبعين كما في الحديث‏.‏ ولا يزيد على العمر الطبيعي الذي هو مائة وعشرون إلا في الصور النادرة وعلى الأوضاع الغريبة من الفلك كما وقع في شأن نوح عليه السلام وقليل من قوم عاد وثمود‏.‏ وأما أعمار الدول أيضاً وإن كانت تختلف بحسب القرانات إلا أن الدولة في الغالب لا تعدو أعمار ثلاثة أجيال‏.‏ والجيل هو عمر شخص واحد من العمر الوسط فيكون أربعين الذي هو انتهاء النمو والنشوء إلى غايته‏.‏ قال تعالى‏:‏ ‏"‏ حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ‏"‏‏.‏ ولهذا قلنا أن عمر الشخص الواحد هو عمر الجيل‏.‏ ويؤيده ما ذكرناه في حكمة التيه الذي وقع في بني إسرائيل وأن المقصود بالأربعين فيه فناء الجيل الأحياء ونشأة جيل آخر لم يعهدوا الذل ولا عرفوه فدل على اعتبار الأربعين في عمر الجيل الذي هو عمر الشخص الواحد‏.‏ وإنما قلنا أن عمر الدولة لا يعدو في الغالب ثلاثة أجيال‏:‏ لأن الجيل الأول لم يزالوا على خلق البداوة وخشونتها وتوحشها من شظف العيش والبسالة والافتراس والاشتراك في المجد فلا تزال بذلك سورة العصبية محفوظة فيهم فحدهم مرهف وجانبهم مرهوب والناس لهم مغلوبون‏.‏ والجيل الثاني تحول حالهم بالملك والترفه من البداوة إلى الحضارة ومن الشظف إلى الترف والخصب ومن الأشتراك في المجد إلى انفراد الواحد به وكسل الباقين عن السعي فيه ومن عز الاستطالة إلى ذل الاستكانة فتنكسر سورة العصبية بعض الشيء وتؤنس منهم المهانة والخضوع‏.‏ ويبقى لهم الكثير من ذلك بما أدركوا الجيل الأول وباشروا أحوالهم وشاهدوا من اعتزازهم وسعيهم إلى المجد ومراميهم في المدافعة والحماية فلا يسعهم ترك ذلك بالكلية وإن ذهب منه ما ذهب ويكونون على رجاء من مراجعة الأحوال التي كانت للجيل الأول أو على ظن من وجودها فيهم‏.‏ وأما الجيل الثالث فينسون عهد البداوة والخشونة كأن لم تكن ويفقدون حلاوة العز والعصبية بما هم فيه من ملكة القهر ويبلغ فيهم الترف غايته بما تفنقوه من النعيم وغضارة العيش فيصيرون عيالاً على الدولة ومن جملة النساء والولدان المحتاجين للمدافعة عنهم وتسقط العصبية بالجملة وينسون الحماية والمدافعة والمطالبة وينسون على الناس في الشارة والزي وركوب الخيل وحسن الثقافة يموهون بها وهم في الأكثر أجبن من النسوان على ظهورها‏.‏ فإذا جاء المطالب لهم لم يقاوموا مدافعته فيحتاج صاحب الدولة حينئذ إلى الاستظهار بسواهم من أهل النجدة ويستكثر بالموالي ويصطنع من يغني عن الدولة بعض الغناء حتى يتأذن بانقراضها فتذهب الدولة بما حملت‏.‏ فهذه كما تراه ثلاثة أجيال فيها يكون هرم الدولة وتخلفها‏.‏ ولهذا كان انقراض الحسب في الجيل الرابع كما مر في أن المجد والحسب إنما هو في أربعة آباء‏.‏ وقد أتيناك فيه ببرهان طبيعي كاف ظاهر مبني على ما مهدناه قبل من المقدمات فتأمله فلن تعدو وجه الحق إن كنت من أهل الأنصاف‏.‏ وهذه الأجيال الثلاثة عمرها مائة وعشرون سنة على ما مر‏.‏ ولا تعدو الدول في الغالب هذا العمر بتقريب قبله أو بعده إلا أن عرض لها عارض آخر من فقدان المطالب فيكون الهرم حاصلاً مستولياً والطالب لم يخضرها ولو قد جاء الطالب لما وجد مدافعاً ‏"‏ فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ‏"‏‏.‏ فهذا العمر للدولة بمثابة عمر الشخص من التزيد إلى سن الوقوف ثم إلى سن الرجوع‏.‏ ولهذا يجري على ألسنة الناس في المشهور أن عمر الدولة مائة سنة وهذا معناه‏.‏ فاعتبره واتخذ منه قانوناً يصحح لك عدد الأباء في عمود النسب الذي تريده من قبل معرفة السنين الماضية إذا كنت قد استرب في عددهم وكانت السنون الماضية منذ أولهم محصلة لديك فعد لكل مائة من السنين ثلاثة من الأباء فإن نفدت على هذا القياس مع نفود عددهم فهو صحيح وإن نقصت عنه بجيل فقد غلط عددهم بزيادة واحد في عمود النسب وإن زادت بمثله فقد سقط واحد‏.‏ وكذلك تأخذ عدد السنين من عددهم إذا كان محصلاً لديك فتأمله تجده في الغالب صحيحاً‏.‏